جديد المدونة
Loading...

قصه ثمامه مع النبي

محمد رسول الله
قصة ثمامة بن أثال مع النبي الكريم

فلقد كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام فتلقى ثمامة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بالزراية والإعراض، وأخذته العزة بالإثم، فأصم أذنيه عن سماع دعوة الحق والخير، وزاد شره حتى قتل عدداً من المسلمين، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه.

وبعد مدة ليست بالطويلة عزم ثمامة على أداء العمرة، وقد كان المشركون قبل البعثة يحجون ويزورون البيت لكن على الطريقة الشركية، وبينما كان في الطريق قريباً من المدينة إذا به يقابل سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسرته وهي لاتعرف أنه ثمامة، فوقع أسيراً في يد المسلمين، فأتوا به إلى المدينة وربطوه بسارية من سواري المسجد، منتظرين أن يقف النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه على شأن الأسير الجديد، وأن يأمر فيه بأمره ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وهمّ بالدخول إذا به يفاجئ بثمامة بن أثال مربوطاً في السارية، فقال للصحابة ممن حوله: ((أتدرون من أخذتم؟ " قالوا: لا يا رسول الله. فقال: هذا ثمامة بن أثال الحنفي فأحسِنوا أساره)). ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهله وقال: ((اجمعوا ما عندكم من طعام وابعثوا به إلى ثمامة بن أثال)). ثم أمر بناقته أن تحلب له في الغدو والرواح وأن يقدّم إليه لبنها. وقد تم ذلك كله قبل أن يلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم أو يكلمه.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على ثمامة يريد أن يستدرجه إلى الإسلام وقال: ((ما عندك ياثمامة؟ فقال: عندي يا محمد خير. فإن تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دمٍ، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تُعْطَ منه ما شئت. فتركه الرسول صلى الله عليه وسلم يومين على حاله، يؤتى إليه بالطعام والشراب، ويحمل إليه لبن الناقة، ثم جاءه فقال: "ما عندك ياثمامة؟" فقال: ليس عندي إلا ما قلت لك من قبل. فإن تُنعم تُنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال، فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان اليوم التالي جاءه فقال: "ما عندك ياثمامة؟" فقال: عندي ما قلت لك. إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال أعطيتك منه ما تشاء)).

فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وقال: ((أطلقوا ثمامة)) ففكوا وثاقه وأطلقوه. فغادر ثمامة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى، حتى إذا بلغ نخلاً في حواشي المدينة قريباً من البقيع فيه ماء أناخ راحلته عنده، وتطهر من مائه فأحسن طُهوره، ثم عاد أدراجه إلى المسجد، فما إن بلغه حتى وقف على ملأ من المسلمين وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله. ثم اتجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد. والله ما كان على ظهر الأرض وجهٌ أبغض إليّ، من وجهك، وقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليّ، ووالله ما كان دين أبغض إليّ، من دينك، فأصبح دينك أحبَّ الدين كله إليَّ، ووالله ما كان بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ. ثم أردف قائلاً: لقدكنتُ أصبت في أصحابك دما. فما الذي توجبه عليّ؟ فقال عليه الصلاة والسـلام: ((لا تثريب عليك ياثمامة. فإن الإسلام يجبّ ما قبله)). وبشَّرَه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير الذي كتبه الله له بإسلامه. فانبسطت أسارير ثمامة وقال: والله لأصيبنّ من المشركين أضعاف ما أصبت من أصحابك، ولأضعنّ نفسي وسيفي ومن معي في نصرتك ونصرة دينك. ثم قال: يارسول الله. إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة. فماذا ترى أن أفعـل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((امض لأداء عمرتك، ولكن على شرعة الله ورسوله)). وعلمه ما يقوم به من المناسك.

مضى ثمامة إلى غايته حتى إذا بلغ بطن مكة رفع صوته بالتلبية قائلاً: لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك. فكان أول مسلم على ظهر الأرض دخل مكة ملبياً. وما أن سمعت قريش صوت التلبية حتى هبت مغضبة واستلت السيوف من أغمادها لتبطش بهذا الذي جاهر بمخالفة دينها في عقر دارها. ولما أقبلوا عليه رفع صوته بالتلبية، فهّم فتى من فتيان قريش أن يرميه بسهم، ولكن كبار القوم أخذوا على يديه وقالوا: ويحك أتعلم من هذا؟ إنه ثمامة بن أثال ملك اليمامة. وإنكم إن أصبتموه بسوء قطع قومه عنا الميرة. ثم أقبلوا إليه بعد أن أعادوا السيوف إلى أغمادها وقالوا: ما بك ياثمامة؟ أصبوت وتركت دينك ودين آبائك؟ فقال: ما صبوت، ولكني اتبعت خير دين. اتبعت دين محمد صلى الله عليه وسلم ثم أردف يقول، أقسم برب هذا البيت إنه لايصلكم بعد عودتي إلى اليمامة حبةٌ من قمحها أو شيء من خيراتها حتى تتبعوا دين محمد عن آخركم. وبعد أن أدى ثمامة مناسك العمرة كما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد إلى بلاده فأمر قومه بأن يحبسوا الميرة عن قريش، فصدعوا بأمره واستجابوا له، مما جعل الأسعار ترتفع في مكة، ويفشو الجوع ويشتد الكرب حتى خافوا على أنفسهم وأبنائهم الهلاك. عند ذلك كتبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقولون: إن عهدنا بك تصل الرحم وتحض على ذلك.. وإن ثمامة بن أثال قد قطع عنا ميرتنا وأضرَّ بنا. فإن رأيت أن تكتب إليه أن يبعث بما نحتاج إليه فافعل. فكتب عليه الصلاة والسلام إلى ثمامة بأن يطلق لهم ميرتهم فأطلقها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق